الشيخ الصفّار يدعو إلى تعزيز ثقافة الزواج والأمومة استلهامًا من سيرة الزهراء
دعا سماحة الشيخ حسن الصفّار لتعزيز ثقافة الزواج والأمومة استلهامًا من سيرة السيدة الزهراء
التي تمثّل أنموذجًا إنسانيًا راقيًا لقيمة الأمومة، والانسجام العائلي.
وانتقد الثقافة المادية المعاصرة التي روّجت للعزوف عن الزواج والإنجاب وتقليص دور الأمومة.
جاء ذلك في كلمةٍ ألقاها سماحته في حفل إحياء ذكرى مولد السيدة الزهراء
في مسجد الخضر ليلة الجمعة 20 جمادى الآخرة 1447هـ الموافق 11 ديسمبر 2025م، بعنوان: الزهراء والأمومة النموذجية.
وشدّد سماحته على أن الأمومة تُعدّ أعلى وظيفة وأرقى مهمة في المجتمع البشري، لأنها ترتبط بصناعة الإنسان وبناء شخصيته، مستشهدًا بحديث النبي
: «الجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الأُمَّهَاتِ»، وما ورد عنه في الحث على برّ الأم وتقديمها على سائر الأعمال.
وانتقد ثقافة تحديد النسل والسياسات السكانية القسرية التي فُرضت في بعض الدول، وما ترتب عليها من آثار إنسانية خطيرة، ومن بينها شيخوخة المجتمعات وتراجع أعداد السكان، الأمر الذي دفع العديد من الدول اليوم إلى تشجيع الإنجاب وتقديم الحوافز للأسر.
ودعا إلى العودة للثقافة الإسلامية الأصيلة المنسجمة مع الفطرة الإنسانية، والتي تحث على الزواج والتناسل، وتؤكد على قيمة الولد الصالح ودور الأسرة في إعمار الحياة، مع التأكيد على ضرورة سنّ التشريعات والسياسات التي تمكّن المرأة من الجمع بين دورها الأُمومي وأدوارها الأخرى، من خلال توفير الإجازات الكافية، وفرص العمل المرنة، ودعم الأسرة.
وبمناسبة ذكرى ميلاد الزهراء
استهلّ الشيخ الصفّار كلمته بالآيات الكريمة من سورة الكوثر، مبينًا أن من أوضح مصاديق هذه السورة المباركة انحصار نسل رسول الله
في ابنته فاطمة الزهراء
، بعد أن توفي أبناؤه الذكور صغارًا، وتوفين بناته في حياته عدا الزهراء
، فكانت وحدها الامتداد الحقيقي لذريته المباركة.
وأوضح سماحته أن ذرية النبي
استمرت وانتشرت عبر أولاد الزهراء
، في تجلٍّ تاريخيٍّ لمعنى الكوثر، أي كثرة الذرية والنسل.
واستشهد بما ورد عن رسول الله
: «إِنَّ اللَّهَ جَعَلَ ذُرِّيَّةَ كُلِّ نَبِيٍّ فِي صُلْبِهِ، وَجَعَلَ ذُرِّيَّتِي فِي صُلْبِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ»، إضافة إلى ما ذكره عدد من مفسري المسلمين، ومنهم الفخر الرازي، في تفسيرهم لمعنى الكوثر بأنه كثرة الذرية وبقاؤها عبر الزمن.
وأشار إلى أن من ثمار هذه الأمومة المباركة أن آخر قائد وإمام للأمة، الإمام المهدي
، هو من نسل فاطمة الزهراء
، كما ورد في الحديث الشريف: «الْمَهْدِيُّ مِنْ عِتْرَتِي مِنْ وَلَدِ فَاطِمَةَ».
وتوقف سماحته عند الظروف الصعبة التي عاشت فيها الزهراء
حياتها الزوجية القصيرة، والتي لم تتجاوز تسع سنوات، في ظل الحروب والغزوات وتأسيس المجتمع الإسلامي.
وأبان أن الزهراء
أنجبت خلالها خمسة من الأولاد، وتحمّلت أعباء الأمومة الكاملة من حمل وولادة ورضاعة وتربية، في بيئة مليئة بالتحديات الاقتصادية والاجتماعية.
وأكد أن القرآن الكريم عبّر بوضوح عن مشقة الأمومة، واصفًا الحمل بوهن على وهن، والولادة بكره بعد كره الحمل، لما تتحمله الأم من آلام جسدية ونفسية، مشيرًا إلى أن الله تعالى أودع في قلب المرأة طاقة عظيمة من العاطفة والحنان تعينها على أداء هذا الدور الرسالي.
ولفت إلى أهمية استلهام سيرة الزهراء
في إحياء ذكراها، وتسليط الضوء على دورها في تربية أبنائها، وكيف صنعت منهم نماذج خالدة في العظمة والطهر، كالإمامين الحسن والحسين
، والسيدة زينب
، وأختها أم كلثوم.
وأشار إلى وصيتها لأمير المؤمنين علي
بالاهتمام بأبنائها حتى بعد وفاتها، بما يعكس عمق إحساسها الأمومي وسمو رسالتها.








